قبل تنفيذ الخطة الأمنية، كان قائد محور البداوي عامر أريش أول من سلّم نفسه الى القوى الأمنية، وبعد توقيفه حوالى شهر واحد فقط، أطلق سراحه بسند كفالة على أن تستمر محاكمته أمام القضاء المختص. وبناء على هذه الحادثة التي اعتبرت الدليل القاطع على صدق الوعود السياسية التي تلقاها قادة المحاور بإطلاق سراحهم وتسوية أوضاعهم، قاموا بتسليم أنفسهم الواحد تلو الآخر الى ثكنة الجيش في القبة. غير أن السيناريو الذي حصل مع أريش لم يتكرر معهم وها هم في سجن روميه المركزي منذ أربعة أشهر.
وما يدفع أهالي قادة المحاور المعتصمين على مستديرة أبو علي الى الشعور أكثر فأكثر بأن سياسيي طرابلس كما الأمنيين فيها خدعوهم عندما قالوا لأبنائهم "سلموا أنفسكم لنطلق سراحكم بعد أسابيع قليلة"، إعادة ملاحقة عامر أريش من جديد. فالرجل الذي أوقف وأطلق سراحه ليعود الى عمله في محل تصليح الإطارات الذي يملكه على أوتوستراد البداوي، صدرت بحقه مذكرة توقيف جديدة وهو متوارٍ عن الأنظار منذ أيام. وفيما يعتبر أهالي الموقوفين أن إطلاق سراح أريش كان بمثابة الطعم الذي علق به قادة المحاور، تؤكد المصادر الأمنية أن مذكرة التوقيف الجديدة التي صدرت بحق أريش هي نتيجة للتحقيقات مع الموقوفين إذ تبين أنه مطلوب بقضايا أخرى غير القضية التي أطلق سراحه فيها.
مصادر سياسية طرابلسية لا تنفي الوعود التي يتحدث عنها أهالي قادة المحاور وتقول "عند بدء تطبيق الخطة الأمنية، كان هناك قرار لدى جميع فعاليات المدينة بوقف سريع لمسلسل الدم في عاصمة الشمال، من هنا جاءت الوعود التي يتحدثون عنها، وحتى لو كانت هناك وعود أعطيت كي يسلم المطلوبون أنفسهم، فما من سياسي أو أمني وعد بأن يفرج عنهم خلال أسابيع". وفي هذا السياق تكشف المعلومات بأن سعد المصري وهو أبرز قادة المحاور في باب التبانه، وُعد بإطلاق سراحه بعد ستة أشهر، غير أن الحديث عن ستة أشهر توقيف لم يشمل قائد محور الحارة البرانية زياد علوكي، الذي وضع بجو توقيفه لفترة لا تقل عن سنة تقريباً لسبب أنه صاحب ملف أمني أكثر تشعباً من المصري.
إذاً بين وعد من هنا وتكذيب من هناك، لا بد من القول بأنّ سياسيي طرابلس يدفعون ثمن ما زرعوه في الفترة التي تلت أحداث السابع من أيار، أكان من خلال تسليح الشباب الطرابلسي ومده بالأموال اللازمة لفتح المعارك، أو من خلال الغطاء الأمني الذي وفروه لهؤلاء الشباب، وفي نهاية المطاف تبقى الفاتورة الأكبر على النصف مليون طرابلسي الذين باتوا يشعرون بالقرف من مدينتهم التي لم يمر عليها يوم واحد منذ سنوات من دون إقفال طرقاتها وإشعال خطوط تماسها بين الجبل والتبانه.